كيف تدعم التوازن بين العمل والحياة في بيئة عملك؟

كيف تدعم التوازن بين العمل والحياة في بيئة عملك؟

في بيئة العمل الحديثة، أصبح التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية أحد أهم العوامل التي تؤثر بشكل مباشر على رضا الموظفين وإنتاجيتهم، بل وعلى استمراريتهم داخل المؤسسة. هذا التوازن لم يعد ترفًا، بل ضرورة استراتيجية تسعى المؤسسات الناجحة لتحقيقها لضمان بيئة عمل محفزة وصحية ومستقرة.

لكن السؤال الذي يشغل بال العديد من مسؤولي الموارد البشرية: كيف نخلق هذا التوازن فعليًا؟ وكيف يمكننا اكتشاف مؤشرات الخلل مبكرًا قبل أن يتفاقم الضغط ويتحول إلى احتراق وظيفي مزمن؟

في هذا المقال، نسلّط الضوء على أكثر الأسئلة التي يتكرر طرحها من قبل مدراء الموارد البشرية المهتمين ببناء ثقافة عمل متوازنة ومستدامة. نجيب عنها بالاعتماد على دراسات حديثة وتجارب سوق العمل في المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى أفضل الممارسات والحلول التي تقدمها منصة ولاء بلس في هذا المجال.

س 1: ما هو التوازن بين العمل والحياة الشخصية ولماذا هو مهم للموظفين والمؤسسات؟ التوازن بين العمل والحياة الشخصية هو شعور الفرد بالرضا عن نفسه وقدرته على التحكم بمسار حياته المهنية والاجتماعية والشخصية. يُعد هذا التوازن أساسًا لتحقيق السعادة والرضا الحقيقي. يعرفه البعض بأنه حصيلة التناغم بين العوامل الداخلية والخارجية للإنسان في الحياة، مما يخلق انسجامًا حقيقيًا ويؤدي إلى الشعور بالسعادة. أما أهميته للموظفين والمؤسسات فتكمن في أنه:

•يساهم في تحسين الصحة البدنية والنفسية للموظف، ويجعله أكثر إبداعًا ووعيًا.

•يعزز الإنتاجية ويساعد على تحقيق مستويات أعلى من النجاح.

•يحسّن العلاقات مع الآخرين ويزيد من الرغبة في التفاعل الاجتماعي.

•يُقلل من التوتر.

•على مستوى العمل، يُحفّز الالتزام والولاء، ويُحقق اتساق الأداء الوظيفي والاجتماعي، ويُشجع على العمل الجماعي.

س 2: ما هي النتائج السلبية لغياب التوازن بين العمل والحياة الشخصية، وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على الموظفين والمؤسسة؟ إذا وُجدت ضغوط في العمل، فإنها تؤثر سلبًا على الحياة الشخصية وتسبب التوتر. وبالمثل، إذا كانت الحياة الشخصية متوترة، فإن ذلك يؤدي إلى الشعور بالضغوط في العمل. هذا التعارض بين المسؤوليات في المنزل والعمل يؤدي إلى ضعف الأداء الوظيفي وتوتر العلاقات. من أبرز النتائج السلبية لغياب التوازن:

•التوتر والقلق والإرهاق.

•ضعف الإنتاجية وتدهور العلاقات.

•قد يؤدي إلى صراع الأدوار، حيث تتضارب الأدوار المطلوبة من الفرد في العمل مع أدواره في الحياة الشخصية (مثل دوره كابن أو موظف أو زوج).

•يُعد التفاعل المستمر مع العملاء خارج ساعات الدوام، وساعات العمل الطويلة، وعدم الاستقرار الوظيفي عوامل تخلق ضغوطًا كبيرة وتُشكل عبئًا نفسيًا على الأفراد.

•تؤثر الصحة النفسية بشكل مباشر على كفاءة العمل، وانخفاض جودة الأداء والإنتاجية.

س 3: ما هو الاحتراق الوظيفي، وما مدى انتشاره، وما هي أبرز أعراضه؟ الاحتراق الوظيفي هو إحدى النتائج الرئيسية لعدم التوازن في العمل والأسرة. يبدأ الاحتراق الوظيفي بصمت، ويُعتبر مشكلة تُقر بها منظمة الصحة العالمية، حيث أصبحت مسؤولية معالجتها تقع على عاتق المدراء ورؤساء المؤسسات وليس فقط الأفراد. وفقًا لتقرير نشرته صحيفة سبق عام 2022 حول حالة العافية النفسية في بيئة العمل بالمملكة العربية السعودية، فقد كانت نسبة الاحتراق الوظيفي 52%، وهي الأعلى مقارنة بالضغط العصبي (46%) والاكتئاب (28%) ومشاكل العلاقات (24%) والشعور بالوحدة (19%). أعراض الاحتراق الوظيفي يمكن أن تكون جسدية ونفسية:

•الأعراض الجسدية:

◦ الشعور بالتعب والتعرق.

◦ انخفاض المناعة.

◦ الصداع المتكرر أو آلام العضلات.

◦ تغير في الشهية.

◦ اضطرابات في النوم.

◦ كثرة التردد على المستشفيات وتعاطي المنومات أو المهدئات.

• الأعراض النفسية:

◦ الإحساس بانخفاض معدل الإنتاجية والشعور بالفشل.

◦ عدم الرضا وعدم الشعور بالإنجاز.

◦ النظرة المتشائمة والسلبية.

◦ قلة الثقة بالنفس.

◦ الضجر وفقدان الشغف.

◦ صعوبة التركيز في العمل، والافتقار إلى الطاقة اللازمة للعمل بإتقان.

◦ كره الذهاب إلى العمل ومواجهة صعوبة في بدايته.

◦ فقدان الانتماء لمكان العمل أو الزملاء.

◦ نفاذ الصبر في التعامل مع الزملاء أو الرؤساء.

◦ الشعور بفقدان الذات وسط دوامة العمل.

◦ المعاناة في الاستمتاع بجوانب الحياة الأخرى.

س 4: هل تقع مسؤولية معالجة الاحتراق الوظيفي على عاتق الموظف أم المنشأة؟ الاحتراق الوظيفي هو ظاهرة مهنية تظهر بأعراض نفسية. تؤكد المصادر على أن الموضوع أصبح بيد المدراء ورؤساء المؤسسات وليس الأفراد إنقاذ موظفيهم من آفات الاحتراق الوظيفي. لذا، يقع على القادة التفكير في حلول بشكل جدي وبناء استراتيجية للتعامل مع هذا الاحتراق. مع أن أعراضه تظهر على الفرد، إلا أن الظاهرة واضحة وجلية، وبالتعاون بين الفرد والمؤسسة يمكن أن يكون المردود أقوى وأفضل. يُعدّ الإرهاق الوظيفي (الإنهاك) فترة قد تتحول إلى احتراق وظيفي إذا لم يتم الإسراع في علاجها وإيجاد الحلول. قد يستغرق التعافي من الاحتراق الوظيفي أكثر من 30 شهرًا، مما يؤكد أهمية الوقاية والتدخل المبكر من قبل المؤسسات.

س 5: ما هي الإجراءات المحددة التي يمكن لإدارات الموارد البشرية والمؤسسات اتخاذها لدعم التوازن بين العمل والحياة الشخصية ومنع الاحتراق الوظيفي بين الموظفين؟ للتصدي للاحتراق الوظيفي ودعم التوازن، يجب على جميع المنشآت والمؤسسات توفير الظروف المناسبة والمكافآت المادية والمعنوية لضمان بيئة عمل مُحفزة للموظفين. تشمل الإجراءات التي يمكن اتخاذها:

• فهم احتياجات الموظف.

• توفير التدريب الملائم للمدراء، ليشمل دورات في التعامل مع الغضب والضغوط، وإدارة الوقت، والمهارات الناعمة.

• عقد الدورات التدعيمية للتعلم.

• توفير أدوات للتقييم الذاتي للموظفين لمعرفة وضعهم النفسي.

• تقديم التأمين الطبي للموظفين ليتمكنوا من التحقق من صحتهم النفسية.

• توفير أماكن استرخاء داخل بيئة العمل، وتشجيع الموظفين على أخذ فترات راحة.

• توفير الإرشاد المهني من خلال إرسال رسائل توعوية عبر الإيميلات أو وسائل التواصل لتحفيز اهتمام الموظف بنفسه.

• تشجيع التوازن المنطقي الذي يهدف إلى معالجة الصراعات الداخلية للفرد والتكيف الخارجي مع بيئته. ويُشجع هذا التوازن على:

◦ الاجتماعية والتواصل مع الزملاء والأصدقاء والعائلة.

◦ الواقعية والاستمتاع باللحظة الحالية.

◦ المبادرة والعطاء في العلاقات.

◦ الحفاظ على الصحة البدنية والنوم الجيد والتغذية وممارسة الرياضة.

◦ التجديد المستمر وتعلم مهارات جديدة.

◦ المرونة في التعامل مع وقائع الحياة وتقبل التغيير.

◦ الحزم والصرامة في تطبيق هذه الأوامر الست للحفاظ على الصحة النفسية والعقلية الجيدة.

إن توفير بيئة عمل تدعم التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية لم يعد خيارًا، بل مطلبًا أساسيًا لضمان استدامة الأداء الوظيفي والولاء المؤسسي. فكل موظف يشعر بالاهتمام والتمكين، هو موظف أكثر سعادة، وأكثر التزامًا، وأكثر إبداعًا.

ولهذا السبب، تأتي حلول ولاء بلس كأداة ذكية بين يدي مسؤولي الموارد البشرية، لتساعدهم على بناء بيئة عمل أكثر مرونة وتوازنًا ورفاهية، من خلال برامج شاملة تشمل الخصومات والمكافآت، أدوات قياس الرضا، التحديات الصحية، وأنظمة التقدير الذكي.

ابدأ اليوم بخطوة بسيطة: استمع لموظفيك، وافهم احتياجاتهم، واختر الحلول التي تعكس اهتمامك الحقيقي برفاههم.

لأن التوازن ليس مجرد سياسة… بل ثقافة تبدأ من القمة.